العراق: الأولوية لدعم القوات المسلحة وتحقيق الانتصار على الإرهابسلاح إيراني مقابل نفط «داعش» عبر الأجواء ومناطق الحدود المفتوحة
مصطفى العبيدي
November 8, 2014
بغداد – «
القدس العربي»: تصاعدت هذا الأسبوع دعوات للمصالحة الوطنية وأحاديث عن تحركات تقوم بها عدة أطراف لعقد اجتماع موسع يضم كافة القوى المشاركة بالعملية السياسية في
العراق والقوى التي تعمل خارج هذه العملية.
فقد دعا رئيس الجمهورية فؤاد معصوم خلال ملتقى الشرق الأوسط للمصالحة والحوار في أربيل إلى «مصالحة وطنية تمهد لتحقيق السلم الأهلي في بلد يعاني من هجوم مستعر لتنظيم «داعش» على جزء كبير من أراضيه». كما أشار رئيس مجلس النواب سليم الجبوري إلى مصالحة بين مكونات المجتمع العراقي لأن «البلاد تواجه أزمة ثقة بين الكتل السياسية انتقلت للجمهور» الاّ ان المراقبين يجمعون على عدم إمكانية تحقيق المصالحة الحقيقية وستبقى المشاركة شكلية لأن بعض القوى المتحكمة بالمشهد السياسي والسلطة لا تريد ان أن يكون للطرف المعارض أي ثقل في السلطة ولا تقبل حتى بفكرة تشكيل الحرس الوطني من أبنـاء المحافظات السنية الذي كان ضمن برنــامـــج العبادي لتشكيل الحكومة كما أنه مطلب أمريكي مقابل دعم حكومة العبادي.
وضمن محاولات حكومة العبادي لفك طوق العزلة عن العراق وإصلاح ما خربته سياسات حكومة المالكي بدأت هذه الأيام حملة دبلوماسية للتواصل عبر الزيارات مع دول الجوار حيث زار العبادي الأردن بعد عودته من إيران، وزار وزير الخارجية ابراهيم الجعفري
تركيا بينما وصل وزير الداخلية إلى
قطر ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري إلى الكويت في مسعى لفتح صفـحــات جديدة للعلاقات التي يأمل العراق من خلالها تحسين وضعه في مواجهة تنظيم داعش وتحريك التعاون الاقتصادي.
كما بدأت أولى خطوات تحرك حكومة العبادي لتخفيف ثقل المسؤولية عنها وإعادة ترتيب أوضاعها عبر نقل صلاحيات عدد من الوزارات إلى مجالس المحافظات لتمكينها من إدارة شؤونها بشكل أفضل، إذ ترأس العبادي اجتماع الهيئة العليا للتنسيق بين المحافظات غير المنتظمة في إقليم بحضور المحافظين ورؤساء مجالس المحافظات ووكلاء الوزارات لمناقشة محور التعاون الأمني بين المحافظات وشؤون النازحين». وأكد العبادي أن «الغاية من عقد الاجتماع هو إنجاح عمل المحافظات وبناء علاقات سليمة مع الحكومة الاتحادية لتحقيق المصلحة العليا للبلاد، وتقديم الخدمات وتطوير البنى التحتية». وكشف العبادي عن سعي الحكومة العراقية لإخراج الجيش من المدن وتسليم الأمن فيها إلى وزارة الداخلية. وأكد أن «الأولوية لدعم القوات المسلحة وحسم الحرب ضد الإرهاب وتحقيق الانتصار» مع وعود بتخفيف الاجراءات الأمنية عن مدن وشارع العراق التي تسبب عرقلة لسير الحياة الطبيعية. وأشار رئيس الوزراء إلى وجود مشكلة مالية في البلاد بسبب زيادة الإنفاق الاستهلاكي وأسباب أخرى تتعلق بهبوط عوائد انتاج النفط إلى جانب تدني أسعاره، لافتا إلى أن هناك فرصة كبيرة لتحسين الواردات عبر زيادة الإنتاج والاتفاق على موضوع نفط إقليم كردستان.
ومرت الذكرى السنوية لمقتل الحسين بن علي في العاشر من محرم عام 60 للهجرة والتي يقيم فيها الشيعة مراسم العزاء. هذه المناسبة حظيت كالمعتاد باهتمام ورعاية الحكومة وقد تزامنت هذا العام مع تحديات أمنية واقتصادية خطيرة تتمثل في ظهور تنظيم داعش وسيطرته على مساحات واسعة من العراق بسبب تخاذل الحكومة السابقة وفشلها.
وكان شهر محرم مناسبة جديدة للقوى الشيعية الدينية والسياسية التي عملت على استثمارها لتعزيز رصيدها في الشارع الشيعي عبر المزايدات والتطرف في ممارسة الطقوس والبذخ والتبذير في الصرف على المواكب الحسينية وادعاء تحقيقها الانتصارات على داعش في بعض المعارك. ولم يغب عن المشهد الحسيني الحضور الإيراني الذي حرصت وسائل الإعلام الإيرانية على إبرازه من خلال نشر صور قائد فيلق القدس قاسم سليماني وهو يتجول في كربلاء للمشاركة في مواكب العزاء مع تأكيداتها على الدور الإيراني الفاعل في تحقيق «النصر» في بعض مواقع المعارك ضد داعش.
وأنكشفت قبل أيام إحدى خفايا عمليات مافيات تهريب السلاح في العراق بعد ضبط شحنة سلاح منقولة على طائرة روسية آتية من جمهورية التشيك تحمل أوراقا مزورة على أنها شحنة سجائر، وقد تم حجز الشحنة في مطار بغداد بأمر رئيس الحكومة حيدر العبادي مع فتح التحقيق لمعرفة الجهات التي تقف وراءها.
وأظهرت الحادثة حسب مصادر إعلامية عراقية وجود عمليات تهريب واسعة للسلاح في العراق متورط فيها شخصيات سياسية وعسكرية مع مؤشرات لخيوط علاقات متشابكة ومعقدة بين إيران وتنظيم داعش عبر مافيات السلاح العراقية من خلال تبادل نفط داعــش مع ســـلاح إيراني عبر الأجواء العـراقــية ومناطق النزاعات والحدود المفتوحة بين
سوريا والعراق وإيران في خضم الفوضى التي خلقتها بعــض دول المنطقة لتغطية نشاطها المشبوه.
واقتصاديا كشفت تصريحات المسؤولين العراقيين ومنهم زير المالية هوشيار زيباري الذي انتقد سوء إدارة المال العراقي من قبل الحكومة ومنها إنفاق أكثر من مليار دولار على مقاتلي «الحشد الشعبي» الذي يراد له أن يأخذ دورا كبيرا في المعارك ضد تنظيم داعش والتنظيمات المسلحة الأخرى والذي ازدادت شكاوى المحافظات السنية من تجاوزاتهم وسلوكهم الطائفي.
وأخيرا اعترفت اللجنة المالية النيابية بعدم إمكانية اعداد ميزانية عام 2014 بسبب فوضى المصروفات المالية للحكومة السابقة التي أفرغت الخزينة ولم تترك ما يعين الحكومة الحالية على تسيير أمورها الاقتصادية التي انعكست على تعطيل المشاريع التنوية والاستثمارية والعجز عن دفع رواتب موظفي الإقليم وتعطيل رواتب الحشد الشعبي.
وكانت وزارة النفط العراقية أقرت بأن الحكومة لم تحدد بعد سعر برميل الخام الذي ستعتمده أساساً لإعداد موازنة عام 2015 المقبل، مبينة أن الجهود تتواصل حالياً بالتنسيق مع أعضاء أوبك لتحديد ذلك على نحو يراعي التحديات وتقلبات الأسعار العالمية وتجنيب الاقتصاد الوطني أيّ تأثير سلبي، في حين دعا خبراء إلى ضرورة إيجاد بدائل تدعم الاقتصاد المحلي واعتماد سياسة تقشفية وإنهاء الخلافات مع إقليم كردستان لإعادة التصدير من الحقول الشمالية.
مصطفى العبيدي