مسيحيون عراقيون يتدربون على قتال تنظيم «الدولة» بإشراف فصائل شيعية
July 1, 2015
بغداد ـ أ ف ب: يردد عراقيون رسم بعضهم الصليب وشما على جسمه او علقه حول رقبته، عبارة «يا مريم» اثناء مشاركتهم في تدريب متطوعين مسيحيين على يد فصائل شيعية للقتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية، في معسكر ببغداد.
ويقول فرانك سمير (17 عاما) «سمعنا ان المسيحيين فتحوا فرصة للجهاد، وأتينا جميعا وتطوعنا». يضيف الشاب الكلداني المتحدر من بغداد ويعمل كعامل يومي «أطفالنا يموتون، عوائلنا المسيحية تهجرت. كيف نقبلها على أنفسنا ان يقال ان المسيحيين لا يقاتلون؟ بالعكس، نحن نريد ان نقاتل في كل مكان».
وادى هجوم التنظيم المتطرف في حزيران/يونيو 2014 وسيطرته على مناطق واسعة في شمال البلاد وغربها، إلى تهجير مئات الآلاف من العراقيين، بينهم عشرات الآلاف من المسيحيين، لا سيما في شمال البلاد.
ويقوم قرابة 40 متطوعا حمل بعضهم وشوم رموز دينية مسيحية، كالصليب والسيدة العذراء والسيد المسيح، بالتدرب على حمل السلاح ومحاصرة الخصم. وينتمي هؤلاء إلى فصيل يعرف باسم «كتائب بابيلون»، ويتدربون في قاعدة تابعة للقوات العراقية بجوار مطار بغداد، باشراف قياديين في قوات الحشد الشعبي المؤلف بمعظمه من فصائل شيعية.
ولجأت السلطات إلى الحشد بعد انهيار العديد من قطعات الجيش في وجه هجوم التنظيم، وشكل الحشد رأس الحربة في العديد من المعارك التي خاضتها القوات العراقية لاستعادة مناطق سقطت بيد الجهاديين.
وغالبية متطوعي «كتائب بابيلون» من الموصل، كبرى مدن الشمال وأولى المناطق التي سيطر عليها الجهاديون في هجوم العام الماضي. وإثر هجوم الجهاديين، باتت الموصل التي عرفت بكنائسها الأثرية، خالية من الوجود المسيحي للمرة الأولى في تاريخها، بعد ان خير الجهاديون سكانها المسيحيين بين إشهار إسلامهم او دفع الجزية او الموت.
ويقول فارس عيسى (38 عاما) الذي كان يعمل كتاجر سيارات في الموصل «لم اتردد بالتطوع مع إخواني (المتطوعين) لمقاتلة داعش»، الاسم الذي يعرف به التنظيم الذي يسيطر على مساحات واسعة من العراق وسوريا.
ويضيف الرجل الذي ارتدى زي الجيش العراقي وعلق صليبا حول عنقه، «سأواصل محاربة الدواعش حتى تحرير الموصل ثم طردهم من جميع مناطق العراق».
وتقام التدريبات التي تستمر أسبوعين في باحة المعسكر الذي أحيطت أسواره برموز دينية مسيحية وإسلامية، بينها صليب كبير من الخشب ورايات «الله اكبر» و»لا اله الا الله». ويقوم المتطوعون بالركض حاملين رشاشات «كلاشينكوف»، والتشكل في مجموعات من نحو عشرة مسلحين للتدرب على التقدم نحو منطقة للخصم ومحاصرتها قبل الانسحاب منها.
كما يتلقى المشاركون تدريبات على التصويب والتحرك ضمن تشكيلات.
ويتابع المتطوعون محاضرة حول كيفية التعامل مع السلاح وفكه وتركيبه في غرفة بالقاعدة رفع فيها صليب وصورة للبابا فرنسيس، إضافة إلى راية الحشد الشعبي، وأخرى لشعار كتائب بابليون المؤلف من خريطة العراق وفوقها اسم «الحركة المسيحية في العراق».
والمجموعة التي تتدرب حاليا هي التاسعة من ضمن «كتائب بابيلون» التي يقول المسؤولون عنها انها باتت تضم مئات المقاتلين الموزعين في مناطق عدة من العراق، من دون ان يقدموا رقما دقيقا.
ويقول امين عام الكتائب ريان الكلداني «الهدف الرئيسي من تشكيل قواتنا (هو) تحرير الموصل»، مضيفا «شاركنا في عمليات تحرير مدينة تكريت وعمليات اخرى بينها بيجي، في محافظة صلاح الدين» شمال بغداد.
ويوضح ان مشاركة مقاتليه في المعارك تتم «تحت إمرة ابو مهدي المهندس» الذي يعد من أبرز قادة الفصائل الشيعية، ويتولى رسميا مسؤولية نيابة رئاسة «هيئة الحشد الشعبي».
وبحسب قيادي ثان في الكتائب رفض كشف اسمه، فان «مئات من المقاتلين المسيحيين متواجدون حاليا في مناطق متفرقة في محافظة صلاح الدين (…) اضافة إلى اخرين مسؤولين عن حماية الكنائس في محافظة بغداد».
ويؤكد هذا القيادي ان «العمل متواصل لاستقبال متطوعين اخرين» بهدف «محاربة تنظيم داعش الإرهابي».
ويقول «حجي علي»، وهو قيادي في احدى الفصائل الشيعية يشرف على تأهيل المتطوعين، ان التدريب «يركز على الاشتباكات القريبة والحرب غير المنظمة والحرب داخل المدن».
يضيف القيادي الذي ارتدى قبعة عسكرية خضراء «المسيحيون اعينهم نصب الموصل ونصب المناطق التي احتلها داعش».
وفي حين يشدد المتطوعون على ان الموصل، بما لها من رمزية لدى المسيحيين، هي الهدف الرئيسي، الا ان قتالهم ضد التنظيم لن ينحصر بها.
ويقول ريمون سلوان (16 عاما)، وهو نازح من الحمدانية في الموصل، ان تحرير هذه المدينة «هو هدفنا الأول».
ويضيف الشاب اليافع ذو الشعر الاشقر «سأواصل قتال الإرهاب اينما ذهب في العراق وكل مكان».