إيران تقود عمليات استعادة الفلوجة وقوات أمريكية خاصة تقاتل على الخطوط الأمامية في الرقة وتنظيم «الدولة» فتح جبهة جديدة في حلب ودعا لحملة رمضانية في الخارج
إبراهيم درويش
لندن ـ «القدس العربي»: في الحرب ضد تنظيم «الدولة» تقود القوات الأمريكية الخاصة الجهود على الجبهات الأمامية في سوريا أما في العراق فمن يقود الجهود هم الإيرانيون. وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» فقد أصبحت إيران هي «الوجه» لاستعادة معقل قوي من معاقل الجهاديين في العراق.
ووصفت الصحيفة عشرات الألوف من الجنود العراقيين والشرطة والميليشيات الشيعية التي جهزت نفسها حول المدينة المحاصرة منذ أشهر ويحكمها تنظيم «الدولة» منذ عامين مما يزيد المخاوف من حمام دم مقبل في المدينة.
وفي كل هذا تلعب إيران دوراً قيادياً فقد أرسلت مستشارين عسكريين بمن فيهم قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني لمساعدة العراقيين في المعركة. ويرى توم أرانغو، كاتب التقرير أن العراق هو المكان الذي تتداخل فيه المصالح الأمريكية والإيرانية وتفترق في الوقت نفسه.
فكلا الطرفين يعمل على هزيمة تنظيم «الدولة» إلا أن إيران تعتمد على ميليشيات شيعية متهمة بارتكاب جرائم طائفية وقد تسهم في تدهور الوضع من خلال إغضاب السنة ودفعهم للتعاطف مع الجهاديين.
دعم الأكراد وبغداد
أما الأمريكيون فقد تعاملوا مع الحرب ضد تنظيم «الدولة» من خلال جبهتين مختلفتين. ففي سوريا يتعاونون مع الأكراد وفي العراق يدعمون الحكومة في بغداد، ويقوم المستشارون الأمريكيون بتدريب ونصح القوات العراقية.
وتعلق الصحيفة أن معضلة الولايات المتحدة كانت واضحة مع احتدام المعارك حول الفلوجة. ففي داخل المدينة عشرات الألوف من المدنيين العالقين بدون طعام أو شراب ولا دواء ويتعرضون للتهديد والقتل من مقاتلي التنظيم فيما مات آخرون تحت الأنقاض بفعل القصف المكثف من الجيش العراقي والميليشيات (والغارات الأمريكية أيضاً). ولم تستطع سوى قلة من السكان الهروب وفي الليل عبر قنوات الري.
وتقول إن المشهد الطائفي المتنوع حول الفلوجة والذي قام أفراده بتجويع المدنيين السنة فيها حيث حاصرتها قوات شيعية يقدم خلفية للهجوم النهائي الذي وعد المسؤولون العراقيون بأنه سيحدث قريباً.
وفي الوقت الذي أرسلت فيه الولايات المتحدة آلافاً من الجنود والمستشارين الأمريكيين لتدريب ونصح القوات العراقية إلا أنهم يعملون وراء الخطوط القتالية وسط مخاوف من تداعيات سلبية لمعركة الفلوجة تؤدي لإشعال مشاعر الغضب الطائفي والتي أدت لبروز تنظيم «الدولة».
فقد بدأت النبرة الطائفية للمعركة حتى قبل الإعلان عن المعركة وانحصرت في منطقة الكرمة. ووضعت الميليشيات صور نمر النمر على المقذوفات الصاروخية، وهو رجل الدين الشيعي السعودي الذي أعدمته السعودية بداية العام الحالي.
ونشر شريط فيديو تم تداوله بشكل واسع على مواقع التواصل الإجتماعي وفيه أقسم أحد قادة الميليشيات على الثأر من مدينة الفلوجة. وتتعامل الميليشيات الشيعية مع سكان الفلوجة كمقاتلين متعاطفين مع تنظيم «الدولة» وليس كمدنيين. وتتهم المدينة بإرسال سيارات مفخخة وانتحاريين إلى بغداد. وبحسب زعيم كتائب أبو الفضل العباس، أوس الخفاجي فالفلوجة هي معقل الإرهاب منذ عام 2004 وحتى اليوم. وقال لا يوجد فيها وطنيون وأهل دين «وهذه هي فرصتنا لمحو سرطان الفلوجة».
ورغم شجب حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي لتصريحات الخفاجي ودعوته لحماية المدنيين بفتح ممر إنساني لهم وبيانات من المرجعيات الدينية لعدم المساس بهم إلا أن النبرة الطائفية كانت واضحة منذ البداية وأنها من أجل الثأر. كل هذا في الوقت الذي بدأت فيه الصورة تتكشف حول الوضع الإنساني داخل المدينة. وقالت ميليسيا فيلمنج، المتحدث باسم مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في جينف أن المدنيين وعددهم قليل ممن استطاع الهرب تحدثوا عن تهديدات الجهاديين للسكان وعدم توفر المواد الغذائية حيث يعيش الناس على الأرز القديم والتمر ومياه من مصادر غير صحية.
وبحسب ناصر المفلحي، من مجلس اللاجئين النرويجي فالقصص التي بدأت تظهر من الفلوجة «مروعة» حيث تحدث الناس عن «جوع وتجويع كبيرين».
ويشير التقرير إلى أن التزام الميليشيات بوعودها وعدم دخول المدينة يعني زيادة في الغارات الجوية على مواقع تنظيم «الدولة» كما فعلت العام الماضي بمدينة الرمادي.
ورغم اقتصار الدور الأمريكي في العراق على التدريب والإشراف إلا أنها أقامت قواعد عسكرية لها في شمال العراق حيث قامت بغارات استهدفت تنظيم «الدولة».
وفي الفلوجة تقود عمليات الهجوم قوات مكافحة الإرهاب المدعومة من الولايات المتحدة بالإضافة لعشائر سنية. وتقدر الولايات المتحدة عدد المقاتلين التابعين في الفلوجة بما بين 500- 1.000 مقاتل و ما بين 50.000 – 100.000 مدني.
وتراوحت الطريقة التي يواجه فيها مقاتلو التنظيم أعدءاهم، ففي بعض المعارك انسحبوا بخفة وخرجوا تحت غطاء المدنيين كما في هيت والرطبة. أما في الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار فقد تمترسوا وفخخوا شوارعها وقاتلوا في معارك شوارع استمرت لأكثر من شهر.
وترى «نيويورك تايمز» أن الأمريكيين الذين خاضوا معركتين في الفلوجة عام 2004 كانوا يفضلون تركها والتركيز على مدينة الموصل. وهناك صدى للتاريخ، فقد دخل الأمريكيون الفلوجة للإنتقام بعد تعليق متعهدين أمريكيين فوق جسر المدينة. وها هي الميليشيات أو القوات العراقية تحمل راية الإنتقام للجنود الذين قتلهم تنظيم «الدولة» العام الماضي. وكانت معركة الفلوجة عام 2004 رمزاً لحرب بدأت تخرج عن السيطرة وحولت المدينة إلى رمز للمقاومة. وماذا عن اليوم؟
عن تعاطف الفلوجة مع «داعش»
تقول صحيفة «واشنطن بوست» إن قائداً عسكرياً أمريكياً حذر من إمكانية مواجهة القوات العراقية حرب مدن طويلة. وقال الجنرال الأمريكي شين ماكفرلاند إن تقدم القوات العراقية سيكون بطيئًا في الفلوجة بسبب الدعم المحلي الذي يلقاه التنظيم بين السكان.
وفي تصريحات لماكفرلاند الذي يقود قوات الولايات المتحدة والحلفاء في العراق في تصريحات الأسبوع الماضي قال إنه من الباكر الحديث عن طبيعة المعركة خاصة أن الفلوجة كانت من أوائل المدن التي «تبنت» تنظيم «الدولة».
و»لم نقاتل في معركة كهذه من قبل» مشيراً إلى إمكانية معاداة نسبة كبيرة من السكان للتحالف. وبحسب التقارير فإن سيطرة القوات العراقية على بلدة الكرمة تعني التحضيرلاقتحام مدينة الفلوجة.
وكان العبادي قد صرح في بداية العملية يوم الإثنين انها في مراحلها الأولية ولكنها حققت نتائج لم تكن متوقعة.
وأشارت «واشنطن بوست» إلى الدور الذي تلعبه الطائرات الأمريكية والمستشارون الأمريكيون الذين يدعمون القوات العراقية. وتعتقد الصحيفة أن استعادة الفلوجة سترفع من معنويات قوات الأمن العراقية التي تحاول إثبات نفسها بعد هزيمتها في حزيران/يونيو 2014.
كما أن المدينة التي تحولت لحاضنة للمقاومة بعد الغزو الأمريكية عام 2003 وأول مدينة يسيطر عليها الجهاديون تعتبر حسب ماكفرلاند بالنسبة للكثير من العراقيين «الوحش النائم تحت السرير» ومصدر تهديد للعاصمة.
وفي مقابلة أجرتها الصحيفة معه في مكتبه في المنطقة الخضراء في بغداد توقع أن «يقوم عدد لا حصر له» في الفلوجة بالتعاطف مع تنظيم «الدولة». و»لا أعرف إن كانوا سيقاومون قوات الأمن العراقي ولكنهم لن يكونوا عاملاً مساعداً».
وتقول الصحيفة إن القائد الأمريكي تطرق لموضوع يتجنب المسؤولون العراقيون التحدث عنه علناً وهو إمكانية دعم السكان لتنظيم «الدولة».
وقدمت حكومة العبادي معركة الفلوجة بطريقة ملحمية وأشارت لبطولة القوات الموالية للحكومة وبث التلفزيون الرسمي صوراً للقوات العراقية وهي تزحف على وقع الأناشيد الوطنية. ويأمل المسؤولون أن يؤدي زخم المعركة الحالية لبناء دعم قوي من أجل استعادة الموصل. وفي الوقت الذي يعترف فيه المسؤولون العراقيون بوجود مقاتلين في صفوف الجهاديين إلا أنهم يؤكدون أن هؤلاء لا يتصرفون بناء على إرادة منهم. وبحسب الجنرال محمد العسكري، المستشار في وزارة الدفاع فأهل الفلوجة يخشون على حياتم ولا يتصرفون والحالة هذه بناء على إرادتهم. ويقول قادة محليون خارج المدينة أن هناك من قاتل مع الجهاديين طمعاً في المال أما الآخرون فقد تم تجنيدهم بالإكراه.
وقال أحد المشايخ المحليين إن من انضم للتنظيم كانوا من الشرطة المحلية لحماية أنفسهم. كما أن بعض أهل الفلوجة انضموا للتنظيم لتخفيف معاناتهم والحصول على مساعدات غذائية خاصة أنهم كانوا يتناولون طعاماً مصنوعاً من بقايا الحيوانات. ولا يمكن فصل تعاطف بعض السكان بحالة الحرمان والغضب التي عاشها السنة في ظل الحكومة الطائفية في بغداد.
ويقول الشيخ فيصل العيساوي «كانوا سينضمون لأي طرف يعتبر الحكومة عدواً، ألا وهو داعش» و«شعروا بأنهم ليسوا محل ترحيب من الحكومة». ومن بين هؤلاء رافع الجميلي، أحد قادة التنظيم من الفلوجة، وهو ابن أحد المشائخ المعروفين. وقاتل مع قوات الصحوة ضد تنظيم القاعدة. وبعد تجاهل ما عملته الصحوات انضم إلى المجلس العسكري ومن ثم داعش. وكانت «المجالس العسكرية» التشكيلات الأولى التي شكلها أبناء الأنبار الحانقين على حكومة نوري المالكي. ويقول ابن عم رافع، العقيد جمعة الجميلي أن قريبه اختار المعسكر الخطأ لاعتقاده أن المجالس العسكرية وداعش تستطيع السيطرة على البلاد. ويقول العقيد جمعة أن رافع هو الإستثناء مضيفاً أنه لا يمكن العثور في الأنبار على قبيلة تدعم داعش 100% ولا على قبيلة ترفضه 100%.
ويرى ماكفرلاند ان سكان بغداد سيظلون يشعرون بعدم الأمان طالما ظلت الفلوجة بيد الجهاديين مشيراً إلى ان «مدة العملية مهم». وأشار إلى أن العملية متأكدة من تحقيق النصر و»لكنني لا أعرف بالضرورة كم ستستغرق العملية». وأشار الجنرال لاهمية التخطيط لما بعد العملية.
وتقوم الحكومة بالعمل على التأكد من عودة المهجرين واستئناف الخدمات الأساسية. وهو امر مشكوك فيه في ظل التجارب السابقة خاصة في الرمادي التي تعرضت للدمار.
وهناك تقارير عن قتل مدنيين داخل الفلوجة بفعل الضربات الجوية والقصف المدفعي.
بشير
ويخشى أن يصيب الفلوجة ما أصاب المدن الأخرى. ففي تقرير نشربته صحيفة «صنداي تايمز» رصد فيه تومي ترينشارد آثار الدمار على قرية بشير شمال العراق.
وقال إن القرية التي كان يسكنها 5.000 نسمة تحولت إلى بلدة أشباح. «ففي كل جانب بيوت مهدمة، وأرض يباب من انقاض العمارات والزجاج المهشم والبيوت المتصدعة».
وعلق الكاتب أن مصير بشير يقدم صورة لما سيصيب مدينة الفلوجة حالة استطاعت القوات العراقية استعادتها. كما وتطرح سؤالاً عن مصير السكان السنة في المناطق «المحررة» من قوات خليطة ومتنافسة في بلد تستشري فيه الطائفية.
وقال إن من هرب من سكان القرية لن يعود فالعودة ليست خياراً. وقد يحاول البعض منهم الرحلة الخطيرة عبر البحر والوصول إلى أوروبا لكن الكثيرين منهم سينتهون في مخيمات النازحين العراقيين التي يزداد عدد ساكنيها يومياً. ويقول الكاتب إن الحرب ضد تنظيم «الدولة» كانت بطيئة إلا أن آثارها على المدنيين كانت كارثية.
وبالنسبة للسنة فالخوف ليس من تنظيم «الدولة» فقط ولكن من الإضطهاد الذي سيواجهونه على يد القوات الكردية والميليشيات الشيعية ويكتب معلقاً «في كل مكان زرته في شمال العراق وشرقه سمعت القصص نفسها من السنة عن تعرض أبناء طائفتهم للتحرش والمضايقات والإعتقال وأحياناً القتل بتهمة التعاطف مع تنظيم الدولة».
وقرب إسطبل وصفت أحلام محيي/35 عاماً/ ما عانته على قوات البيشركه وكيف هربت وعدد من السنة من بلدة جلولاء التي سيطر عليها تنظيم «الدولة» ليتهموا بالتعاطف معه. وساروا لأيام ثلاثة يدقون على الأبواب طالبين الملجأ حتى وجدوا اسطبلاً قديماً. و«بعد اسبوع من وصولنا وصلت البيشمركه واعتقلت زوجي و18 شخصاً» ولا يزالون في السجن بالسليمانية ولم يقدموا أي سبب لاعتقالهم.
وكشف تقرير لمنظمة أمنستي إأنترناشونال أن البيشمركه والميليشيات الشيعية قامت «بجرف وتفجير وحرق آلاف البيوت في محاولة لتهجير العرب بتهمة التعاطف مع ما تطلق على نفسها الدولة الإسلامية».
ولا يزال الإنقسام العراقي عميقاً وهناك عدد يرى أن الحرب ضد تنظيم «الدولة» هي التي تجعله متماسكاً. وتقول محيي «ماذا يقدم لنا العراق؟ الحياة التي نواجهها صعبة.. لا راتب لدينا ولا حتى أرض … نحن متعبون».
لن تنتهي حملاته
ولن يؤدي سقوط الفلوجة كما تقول إيما غراهام-هاريسون في صحيفة «أوبزيرفر» لوقف عمليات التنظيم الإرهابية. وقالت إن الجهود لتفكيكه قد تحتاج لسنوات طويلة. وقالت إن الحملة للسيطرة على المراكز الحضرية من عين العرب/كوباني إلى الرمادي فثمن طرد المتطرفين ترك آثاره المدمرة على المدنيين.
ونقلت عن جي أم بيرغر المؤلف المشارك لكتاب «داعش: حالة الإرهاب» والزميل الباحث في جامعة جورج واشنطن قوله «أخشى من تحول الفلوجة إلى حمام دم، ونتيجة جيدة محتملة للمعركة. ويبدو أن هذا غير محتمل، وعندما يفقد داعش بلداً فإنه يترك وراءه دماراً مشتعلاً». ونقلت عن أيمن جواد التميمي من منبر الشرق الأوسط قوله «رمزياً ومنذ الإحتلال الأمريكي فقد اكتسبت المدينة وضعية المقاوم ضد القوى الخارجية» مضيفاً أن دماراً سيحصل عليها حيث سيحاول تنظيم «الدولة» القتال من اجل الاحتفاظ بها خاصة أنه خسر مناطق كثيرة فيما تزيد الولايات المتحدة من الضغوط على عاصمته الرقة.
ويأمل المخططون الامريكيون الاستفادة من دروس الفلوجة. ولحرف الأنظار عن خسائره والتحديات التي تواجه شرعيته في الفلوجة وقريباً من الرقة شن التنظيم حملة في حلب ودعا لحملة عمليات في الخارج تشن في شهر رمضان الذي سيحل بعد أيام.
وركز الجهاديون ميدانياً على مناطق قاتل فيها المعارضة السورية التي أضعفتها المواجهات مع قوات الحكومة السورية المدعومة من الطيران الروسي واستطاع التنظيم تأمين مناطق رئيسية قرب الحدود مع تركيا وخلق أزمة لاجئين في المنطقة.
وأشارت غراهام- هاريسون إلى دعوة المتحدث باسم التنظيم أبو محمد العدناني الشامي الذي طالب أتباع أبو بكر البغدادي ومؤيديه بالقيام بهجمات في قلب الحواضر الغربية مهما كان حجمها.
واعترف العدناني بإمكانية خسارتهم «العواصم» في الرقة والموصل ولكنه عبر عن لهجة متحدية مؤكداً أن الهزيمة الحقيقية هي «فقدان الإرادة والرغبة في القتال». وتقول الكاتبة إن التهديد بهجمات ضد الغرب والمكاسب في حلب هي تذكير بأن التنظيم رغم حالة الدفاع لا يزال قوة يحسب لها حساب خاصة في سوريا. ويقول التميمي «يتعرض التنظيم لضغوط كبيرة، مالية وعسكرية ولكن القتال لم ينته بعد كما تظهر حالة حلب». ومع أن القوى الكردية هي التي تقاتل بشكل رئيسي الجهاديين إلا أن تقدمها للرقة سيثير توترات طائفية.
ويضيف «أستطيع القول إن التطورات في شمال حلب تثير الشكوك حول فكرة أن دعم جماعات المعارضة سيؤدي إلى لمشكلة داعش. في حالة الرقة، فعلى افتراض امتناع القوات الكردية الدخول إلى المدينة فلا يوجد بديل مقبول في المستقبل المنظور». وفي العراق يبدو مستقبل داعش مهتزاً نوعاً ما. فبعد أشهر من الدعم الأمريكي للقوات العراقية تقوم هذه والميليشيات الشيعية المدعومة من إيران بتشديد الحصار على الفلوجة. وحالة خسارته المدينة فسينسحب مقاتلوه إلى الموصل. وسيجد التنظيم صعوبة في الحفاظ على المناطق مثلما فعل أول مرة عندما اجتاح شمال وشرق العراق.
ويرى بيرغر أن داعش وبناء على عدم وضوح قواته ربما لم يعد لديه القوات اللازمة للقيام بحملات هجومية. ولكن الموصل قد تستعصي ولمدة طويلة على القوات الحكومية لأنها من الناحية الإستراتيجية والمالية أهم من الفلوجة والرمادي. وتقول الكاتبة «في حالة كان ثمن طرد داعش من الفلوجة كبيراً على المدنيين فستحدد الخطوط لمعركة الموصل بشكل يعقد من عملية استعادتها.
وكتب المعلق باتريك كوكبيرن في صحيفة «إندبندنت أون صنداي» عن الدمار الذي تتعرض له مدن السنة في العراق وسوريا. وبدأ باقتباس بما قاله المؤرخ الروماني تاكتيوس عن الزعيم القبلي البريطاني غلاغوكس قبل 2.000 «يصنعون صحراء ويقولون عنها سلاماً».
وكان يتحدث عن الدمار الذي أحدثه الجيش الروماني ضد المتمردين البريطانيين. وتردد صدى كلام المؤرخ عبر القرون وتم تطبيقه على حملات لاحتواء حملات فتنة ولكنه مناسب لما يجري في العراق اليوم. وأشار إلى الحملة التي تقودها القوات العراقية والقوات الخاصة والشرطة الفدرالية والميليشيات الشيعية لاستعادة مدينة الفلوجة، وتحظى هذه القوات بقوة الطيران الأمريكي المدمرة التي قامت بـ 8.503 غارة فوق العراق و 3.450 فوق سوريا خلال العامين الماضيين.
وبدون هذا الدعم الجوي لم تكن القوات المعادية لتنظيم «الدولة» قادرة على تحقيق هذا النجاح الذي حققته في كل من العراق وسوريا. ونقل الكاتب عن محافظ مدينة كركوك الكردي نجم الدين كريم قوله «أعتقد أنهم سيستعيدون الفلوجة وسيتم تدميرها أثناء العملية».
وقال «لو لم يكن لديهم دعم جوي فلن يكونوا قادرين أبداً على استعادة المدينة». وقال كوكبيرن إن هناك سوابق لكل هذا في الرمادي التي دمرت نسبة 70% من مبانيها وحوالي 64 جسراً. وحصل الأمر في عين العرب/ كوباني. وقال إن الفلوجة قد تواجه المصير نفسه.
وتساءل عن السبب وراء تدمير المدن السنية، ولاحظ غياب الشجب الدولي لكل هذا. وقال إنه يمكن تطبيق العبارة سيئة السمعة التي أطلقها بن تري في فيتنام قبل 50 عاماً «من الضروري تدمير البلدة لإنقاذها»على الرمادي.
وقال إن ما سيحدث قي الأشهر المقبلة مهم لأن الحكومة العراقية قد تحاول استعادة الموصل وهو ما ترغب الولايات المتحدة به قبل نهاية العام.
ويرى كريم أن إدارة اوباما حريصة على «طرد داعش من الموصل قبل نهاية ولايته» وليس هذا غريباً لأن صعود تنظيم «الدولة» كان أسوأ تقدير في ولايته التي مضى عليها 8 سنوات. وحتى لو سقطت الموصل فلن تنهي تنظيم «الدولة» لأن الخمسة ملايين سني لم يقدم لهم بديل آخر عن تنظيم «الدولة» غير الخنوع للشيعة والأكراد.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها مثل بريطانيا على ضرورة ان تستوعب حكومة بغداد الجميع. وحتى لو تم استيعابهم فلن يغير هذا من وضعهم لأن الأماكن التي يعيشون فيها مدمرة وأنقاض كما يقول.