الحشد الشعبي يستغل معركة تلعفر لعزل المثلث الحدودي بين العراق وتركيا وسوريا
الميليشيات تهدد تواصل البيشمركة الكردية ما بين سنجار وأربيل، وداعش يستدرج القوات العراقية لتكبيدها خسائر تعرقل تقدمها.
العرب [نُشر في 2017/08/21، العدد: 10729، ص(1)]
الحشد الشعبي ومصالح طهران التوسعية
بغداد - تسعى ميليشيات الحشد الشعبي في العراق إلى استغلال معركة قضاء تلعفر، التي انطلقت فجر الأحد، للحصول على موطئ قدم قرب الحدود التركية، بهدف تحقيق تماس ميداني مع مقاتلي حزب العمال الكردستاني الحليف من جهة، وتهديد ممر التواصل الوحيد بين مدينة أربيل وقوات البيشمركة المنتشرة في تخوم جبل سنجار معقل الطائفة الإيزيدية داخل حدود محافظة نينوى، من جهة ثانية.
ويكشف خط الاندفاع الذي اختارته قوات الحشد الشعبي في معركة تلعفر، عن نوايا واضحة بتجنب الدخول إلى مركز القضاء وعزل منطقة العياضية التي تشرف على المثلث الحدودي بين العراق وتركيا وسوريا.
ونصت تعليمات القيادي البارز في الحشد الشعبي هادي العامري التي تلقاها من كبار المستشارين في فيلق القدس الإيراني، خلال الجلسة الأخيرة التي سبقت انطلاق عمليات تلعفر بساعات، على “تجنب الاحتكاك بمركز القضاء وإعداد مسرح عمليات يستهدف السيطرة على العياضية”.
ووفقا لمسؤول عراقي بارز، فإن وجود حليف الحشد الشعبي، حزب العمال الكردستاني القوي في المنطقة، سيجعل “صداع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، يتضاعف”.
ويتحرك الحشد في مناطق غرب تلعفر، بعدما دفع قواته على شكل نصف قوس حول القضاء، منطلقا من الجنوب حيث معسكره الكبير في منطقة البعاج، بينما تعمل قوات الجيش العراقي وحلفاؤها في الجزء الشرقي.
وذكرت مديرية إعلام الحشد الشعبي، أن “قوات اللواء العاشر بانتظار الأوامر من القيادات الأمنية العليا لدخول الأحياء الغربية لتلعفر وتأمين ممرات آمنة للأسر الهاربة من داعش غربي القضاء”. وأضافت أنها “بدأت بإطلاق طائرات مسيرة لكشف تحصينات ودفاعات التنظيم في أطراف تلعفر الغربية”، موضحة أن “تقدم اللواء العاشر في المحور الغربي يهدف إلى مشاغلة الإرهابيين ومنعهم من إعاقة تقدم الفرقة التاسعة وفرقة العباس القتالية في المحور الشرقي لتلعفر”.
وإذا نجحت خطة الحشد الشعبي في السيطرة على العياضية، سيكون خط التواصل بين أربيل وجبل سنجار، حيث ينتشر 3 آلاف مقاتل من قوات البيشمركة، في معقل الطائفة الإيزيدية داخل حدود محافظة نينوى، مهددا، كما ستكون سيطرة قوات البيشمركة على معبر اليعربية الحدودي بين العراق وسوريا في منطقة ربيعة في خطر.
وذكرت مصادر أمنية لـ”العرب”، أن “قوة روجافا الثانية التي شكلتها البيشمركة الكردية من مقاتلين عرب وإيزيديين في سنجار، لن تستطيع الصمود تحت ضغط قوات الحشد الشعبي العراقي التي يبلغ تعدادها نحو 20 ألف مقاتل في المنطقة، فضلا عن الوجود القوي لحليفها حزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا”.
وأضافت المصادر نفسها، أن “الحشد الشعبي يبني وجوده في هذا المحور على حقيقة أن سكانه في غالبيتهم من التركمان الشيعة، قبل أن يطردهم تنظيم داعش، عندما سيطر عليه في صيف 2014”.
ومن شأن هذا السيناريو أن يضع رئيس إقليم كردستان، مسعود البارزاني، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان في موقف حرج، وفقا لمراقبين.
وتقول مصادر عسكرية رفيعة في بغداد، إن “القوات الأميركية تتحفظ على الانخراط في تعقيدات معارك المثلث الحدودي، وتفضل أن يتابع الجانب التركي التطورات هناك”.
ولكن منطقة العياضية لا تمثل هدفا لجميع الأطراف المنضوية تحت لواء الحشد الشعبي، إذا عمل الفصيلان؛ “فرقة العباس” و”لواء علي الأكبر”، المواليان للمرجع الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، إلى جانب القوات العراقية النظامية التي تتقدم صوب تلعفر من 3 محاور.
ومع أن مسرح عمليات معركة تلعفر يشتمل على مساحة تبلغ نحو 1200 كيلومتر مربع، إلا أن القوات العراقية تركز على 28 كيلومترا منها، تشير المصادر الاستخبارية إلى أن تنظيم داعش يركز قوته فيها.
وتقول المصادر الاستخبارية، إن تنظيم داعش ينشر نحو ألف من عناصره في منطقتي المحلبية والعياضية، ونحو 300 آخرين في 47 قرية صغيرة حول القضاء في المنطقة، فضلا عن نحو ألف آخرين في مركز تلعفر.
وكشفت مصادر مطلعة في بغداد، نقلا عن تقديرات وضعتها القوات الأميركية تحت تصرف القيادة العراقية العسكرية، أن تنظيم داعش يسعى إلى استدراج القوات العراقية نحو منطقتين محددتين داخل مركز القضاء، على أمل تكبيدها خسائر تعرقل تقدمها.
وتشير المصادر إلى أن الرصد الجوي يوضح أن انتشار عناصر تنظيم داعش في تلعفر لا يستهدف حماية القضاء، بل تأخير سيطرة القوات العراقية عليه.
وبدأت عمليات تلعفر، فجر الأحد، بقصف كثيف لعدد من المواقع داخل القضاء، أعقبه اندفاع بري من عدة محاور.
وتتوقع قيادات عسكرية عراقية أن تستغرق عمليات تطهير جميع أجزاء تلعفر بين 6 و8 أسابيع.