هل تحتمل المنطقة تداعيات حرب بين اسرائيل وإيران؟
رأي القدس
رفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس درجة التهديد لإيران قائلاً إن قواته ستتحرك، إذا لزم الأمر، ضد إيران وليس ضد وكلائها فحسب، في إشارة واضحة إلى «حزب الله» اللبناني.
يأتي التهديد الإسرائيلي بعد تغيّرات مهمة على الوضع العسكريّ (والسياسي) في سوريا تمثّلت تفاصيله في إسقاط طائرة روسية ومقتل طيّارها، وتعرّض رتل من الميليشيات الروسيّة والإيرانية لضربة تسببّت في مقتل المئات، وإسقاط طائرة مسيّرة إيرانية ضمن الأجواء الفلسطينية، وإسقاط طائرة إسرائيلية مقاتلة، وتبعت ذلك موجتان من الغارات الإسرائيلية ضربت مطارات وقواعد دفاع جوي سورية وأهداف إيرانية، وكل هذه إشارات إلى توتّر غير مسبوق أدى لاختراق خطوط حمر سابقة غير معلنة بين الأطراف المتنازعة على الساحة السورية.
يخلخل هذا التصعيد المتدرّج والتهديدات الأخيرة ميزان الاحتمالات العنيفة الذي يقوم على رفض إسرائيل وجود قواعد إيرانية ثابتة في سوريا ونقلها صواريخ متطوّرة تكنولوجيا إلى «حزب الله» في لبنان، من جهة، وعلى رفض إيران قيام تل أبيب بوضع حدود لتمددها داخل سوريا ولبنان، باعتبار أن ذلك قائم على موافقة نظامي البلدين، وهو ما يجعل من وجودها داخل البلدين شرعيّاً.
اختلال هذا الميزان واتجاهه نحو حرب مفتوحة أمر صعب على إسرائيل بسبب تكاليفه الهائلة وانفتاحه على جبهات كثيرة وحضور مخاطر غير مسبوقة، فالتقديرات تقول إن «حزب الله» يمتلك 150 ألف صاروخ، وإنه يمتلك تكنولوجيا دقيقة لإصابة الأهداف، وهو ما سيضع البنية التحتية لإسرائيل والمراكز السكنية المكتظة فيها تحت الخطر، وهذا ما غيّر قواعد اللعبة ونهاياتها القصوى.
إيران وكذلك «حزب الله»، ما زالا منغمسين في الحرب السورية وليسا في وضع يؤهلهما لأخذ زمام المبادرة بالهجوم على إسرائيل، وبالتالي فعلى الأغلب أن تحاول طهران تجنّب التصعيد بعد أن وصل التوتر إلى حدود خطرة، لكنها، في الوقت نفسه، ستتابع جهدها لتأسيس قواعد عسكرية دائمة لها في سوريا، وإمداد «حزب الله» بمزيد من التكنولوجيات العسكرية المتطورة استعدادا لحرب شاملة، تعتقد إيران أنها ستغيّر شكل المنطقة.
في حال نشوب الحرب فإن «حزب الله» سيضرب هذه المرة أهدافاً كبرى واستراتيجية وربما مدنا ومجمعات سكنية بشكل أكثر دقّة بكثير من حرب 2006، أما إسرائيل فسوف تحاول إنهاء الجسم العسكري لـ»حزب الله»، وسيعني ذلك اجتياحاً برّيا للبنان، وترافقه بالتأكيد ضربات داخل سوريا.
غير أن وجود جيوش روسية وإيرانية وأمريكية داخل سوريا سيزيد احتمالات توسيع الحرب الإقليمية.
المواجهات الأخيرة في سوريا التي أصابت بحريقها كل الأطراف، باختصار، هي البذرة لهذا السيناريو المخيف والذي تتزايد احتمالاته يوما بعد يوم.