إنهيار المفاوضات الفلسطينية ـ الاسرائيلية ينهي آخر فرصة للتسوية على أساس الدولتين
رأي القدس
April 4, 2014
هددت
اسرائيل بفرض عقوبات على الفلسطينيين احتجاجا على تسليم طلبات الانضمام لمعاهدات ومواثيق دولية. وبدأت يوم أمس بأول اجراءاتها، حيث اعطت الضوء الاخضر لمشروع بناء متحف للآثار على مساحة 16.600 متر مربع في حي سلوان، على بعد عشرين مترا فقط من اسوار البلدة القديمة في
القدس المحتلة.
الإجراءات العقابية الاخرى التي تتوعد بها اسرائيل تتضمن تجميد الإذن الذي قدمته لشركة ‘الموبايل الوطنية’ لتتمكن من العمل في قطاع
غزة. كما توعدت اسرائيل بتقييد نشاط السلطة الفلسطينية في مناطق ‘ج’ في الضفة الغربية، اضافة الى ايقاف تحويل الضرائب والتي تبلغ قيمتها حوالى 140 مليون دولار شهريا تجمعها اسرائيل من الفلسطينيين كضرائب على السلع سواء الصادرات او الواردات، بناء على اتفاقية باريس الاقتصادية التي تم توقيعها عام 1994، ويشكل هذا المبلغ اكثر من نصف ميزانية الحكومة الفلسطينية.
تستطيع اسرائيل بقدرتها العسكرية فرض هذه العقوبات، ومن غير المستبعد ان تتخذ اجراءات استفزازية على الارض لتزيد من معاناة الفلسطينيين، مثل الحواجز واغلاق المناطق وغيرها، ولكنها ستدفع ايضا ثمنا باهظا لانهيار المفاوضات، سواء بالتداعيات الأمنية او بانضمام
فلسطين للمعاهدات والمنظمات الدولية، لا سيما المحكمة الدولية في لاهاي، مما يسمح للفلسطينيين بإقامة دعاوى قانونية ضد
تل ابيب.
طلبات الانضمام لخمسة عشر ميثاقا واتفاقا دوليا التي قدمها رئيس طاقم المفاوضات صائب عريقات، ووزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي مؤخرا للمبعوث الخاص للامم المتحدة في الشرق الاوسط روبرت سيري، ولمندوبي سويسرا وهولندا لدى السلطة الوطنية، تتعلق جميعها بحقوق الانسان وقضايا اجتماعية، وهي خطوة قد لا تتأثر اسرائيل كثيرا بنتائجها، ولكن الانضمام لبقية المنظمات الدولية من شأنه ان يثير قلق اسرائيل وفزع جنرالاتها ممن تلوثت اياديهم بدماء الفلسطينيين.لم يكن من المستغرب وصول المفاوضات الفلسطينية ـ الاسرائيلية الى طريق مسدود، فبعد ثمانية اشهر من اللقاءات، واكثر من عشرين زيارة لوزير الخارجية الامريكي جون كيري، لم يتم الكشف خلالها عن التوصل لاي اتفاق على اي بند. على العكس من ذلك استغل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو هذه المفاوضات ليضع بنودا تعجيزية جديدة على غرار طلب الاعتراف بيهودية دولة اسرائيل، وليفرض امرا واقعا على الارض بتوسيع الاستيطان، وتسريع خطوات تهويد مدينة القدس المحتلة.
الأزمة التي وصلت اليها المفاوضات، والتي تهدد بانهيارها وبإنهاء آخر فرصة للوصول الى تسوية على أساس الدولتين، هي نتيجة طبيعية لمماطلة المسؤولين الاسرائيليين، سواء من المتطرفين او الاقل تطرفا (لا يوجد مسؤولون اسرائيليون معتدلون) الذين اعتادوا على التنصل من الاتفاقيات، ومواصلة سياسة الابتزاز. فحتى تسيبي ليفني وزيرة العدل الاسرائيلية التي لعبت دور الحريص على المفاوضات (تطلب هذا الدور احيانا انتقاد زملائها بالحكومة والكنيست)، تخلت عن قناع ‘الاعتدال’ وحمّلت الفلسطينيين مسؤولية قرار عدم اطلاق المعتقلين، بسبب توقيع الرئيس الفلسطيني محمود عباس على طلب الانضمام للمعاهدات الدولية يوم الثلاثاء الماضي، متجاهلة عدم التزام اسرائيل بموعد 29 آذار/مارس (السبت الماضي)، والتراجع عن اطلاق 30 معتقلا بمن في ذلك 14 اسيرا من منطقة 48، ومتجاهلة كذلك اعلان عطاءات لبناء 708 وحدات سكنية في مستوطنة في القدس المحتلة.
هذه الاجراءات لم تترك للفلسطينيين اي خيار سوى الرّد بهذه الخطوة الأولية، خاصة وان اسرائيل لم تبق لهم الكثير ليخسروه، بل على العكس، ستكون خسارة اسرائيل اكبر.