الإيرانية ريحانة جباري تتحول إلى أيقونة بعد إعدامها الأمم المتحدة تؤكد أن الاعترافات انتزعت من جباري تحت ضغط وتهديدات، ونظام الملالي يتجاهل دعوات المنظمات الحقوقية بإلغاء عقوبة الاعدام. العرب
[نُشر في 29/10/2014، العدد: 9722، ص(12)]
ناشطات 'فيمن' يحتججن على طريقتهن ضد حكم الإعدام في حق ريحانة
طهران – تداول آلاف النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وصية الإيرانية ريحانة جباري التي تم إعدامها يوم السبت، وتحولت بفضل ثباتها وعدم توسلها للقضاة للعفو عنها إلى أيقونة في الفضاء الافتراضي وتجسيد حيّ لما تعانيه المرأة في إيران من قمع وتضييق وتمييز قانوني.
كشفت تقارير إخبارية عن وصية ريحانة جباري سجلتها بصوتها لوالدتها قبل أشهر من إعدامها بسبب قتل رجل في الاستخبارات الإيرانية حاول اغتصابها.
وقالت ريحانة في وصيتها: “سمح العالم لي أن أعيش لمدة 19 عاماً، وكانت تلك الليلة المشؤومة هي التي كان يجب أن أقتل فيها.
كان سيتم إلقاء جسدي في ركن من أركان المدينة، وبعد بضعة أيام، كانت الشرطة ستستدعيك إلى مكتب الطبيب الشرعي للتعرف إلى جثتي، وهناك كنت ستعلمين أيضاً أنني تعرضت للاغتصاب، ولن يتم إلقاء القبض على القاتل، لأننا لا نمتلك ثرواتهم وقوتهم”.
وتابعت: “هذا البلد الذي زرعت حبه في داخلي لم يكن يريدني أبداً، ولا أحد دعمني عندما كنت تحت ضربات المحقق أبكي وأسمع أكثر المصطلحات إهانة. وعندما نزعت عن نفسي علامة الجمال الأخيرة، وحلقت شعري، كوفئت بـ11 يوماً في الحبس الانفرادي”.
وأضافت: “أمي العزيزة لا أريد أن أتعفَّن تحت الثرى لا أريد لعينيَّ أو لقلبي الشاب أن يتحوَّل إلى تراب. توسَّلي لهم ليعطوا قلبي، وكليتي، وعيني، وعظمي، وكل ما يمكن زرعه في جسدٍ آخر، هديةً إلى شخصٍ يحتاج إليهم بمجرد إعدامي.
كما قالت “ لا أريدُ لهذا الشخص أن يعرف اسمي، أو يشتري لي باقة من الزهور، ولا حتى أن يدعو لي. أقول لكِ من أعماق قلبي أني لا أريد أن أوضع في قبر تزورينه، وتبكين عنده، وتعانين.
لا أريدكِ أن تلبسي ثوب الحداد الأسود. ابذلي ما في وسعكِ لتنسي أيامي الصعبة. اتركيني لتبعثرني الريح”. واختتمت ريحانة وصيتها قائلة: “أنا الآن أستسلم وأقابل الموت بصدرٍ رحب، أمام محكمة الله سأوجه الاتهام إلى المفتشين، سأوجه الاتهام إلى المفتش “شاملو”، سأوجه الاتهام إلى القاضي، وإلى قضاة المحكمة العليا الذين ضربوني بشدة، ولم يتورَّعوا عن التحرش بي، أمام الخالق سأوجه الاتهام إلى الطبيب “فروندي”، سأوجه الاتهام إلى قاسم شعباني وإلى كل من ظلمني أو انتهك حقوقي، ولم يفطن إلى أن الحقيقة ليست دائمًا كما تبدو”.
ريحانة جباري: "أمام محكمة الله سأتهم كل من ظلمني وانتهك حقوقي"
وتداول آلاف النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وصية ريحانة المؤثرة واعتبروها حجة دامغة على فساد القضاء في إيران، منددين بالدكتاتورية الدينية وبنظام الملالي. كما نشر العديد من رواد “فيسبوك” بمختلف جنسياتهم صور ريحانة أثناء محاكمتها وعلقوا عليها قائلين “رمز المقاومة الناعمة في إيران”.
يشار إلى أن الولايات المتحدة أدانت إعدام الإيرانية ريحانة جباري (26 عاما)، مشككةً في مجريات المحاكمة التي أدانت المرأة بتهمة قتل رجل ادعت أنه اعتدى عليها جنسياً.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، جنيفر بساكي، في بيان: “ندين إعدام إيران، لريحانة جباري”، مضيفة: “هناك شكوك جدية بشأن عدالة المحاكمة والظروف التي تحيط بهذا الملف، وضمنها تقارير تشير إلى الحصول على اعتراف بموجب ضغوط شديدة”.
هذا وأعلنت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية أنه تم تنفيذ حكم الإعدام، يوم السبت، في حق ريحانة بعد انقضاء خمس سنوات على صدور الحكم، لقتلها مسؤولا سابقا في الاستخبارات، على الرغم من ضغوط دولية لإلغاء الحكم. كما أكدت رسالة وضعت على صفحة خصصت للحملة من أجل وقف إعدامها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك تنفيذ الحكم فيها.
يأتي هذا رغم تنديد منظمات حقوقية دولية، حيث قالت الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية أخرى إن اعترافات جباري انتزعت تحت ضغط كبير وتحت تهديدات المدعين الإيرانيين، مؤدية أنه كان يفترض أن تجري إعادة محاكمتها.
وكان مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في إيران، أحمد شهيد، قال في أبريل إن سربندي عرض توظيف جباري لإعادة تصميم مكتبه، واقتادها إلى شقته حيث تحرش بها جنسياً. لكن عائلة سربندي تؤكد أن القتل تم عن سابق تصميم، مشيرة إلى أن جباري اشترت السكين قبل يومين من الحادث. وقال جلال سربندي، الابن الأكبر لمرتضى سربندي، إن جباري اعترفت بأن رجلاً آخر كان في الشقة التي قتل فيها والده “لكنها رفضت كشف هويته”.
وأضاف لصحيفتي “شرق” و”اعتماد” الإصلاحيتين في أبريل أن عائلته “لن تفكر بالصفح عنها ما لم يتم كشف الحقيقة”. وتابع حينذاك “سنكون مستعدين للصفح عنها لكن فقط عندما تكشف نواياها الحقيقية وتقول الحقيقة حول شريكها وماذا حدث فعلا”. يذكر أن قضية ريحانة جباري أثارت صيحات احتجاج دولية واسعة، وطالبت الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي ومنظمات حقوق المرأة وحقوق الإنسان الدولية بإلغاء حكم الإعدام بحق المهندسة الإيرانية. كما فشلت نداءات متكررة من فنانين ومثقفين ونشطاء إيرانيين ومحاولات التوسط لدى عائلة سربندي للعفو عن ريحانة وإلغاء حكم الإعدام بحقها.