DR.Hannani Maya نــــائب المــــدير
الجنس : عدد الرسائل : 5393 العمر : 82 العمل/الترفيه : كاتب ومحلل سياسي عراقي \ الانترنيت والرياضة والاعلام المزاج : جيد تاريخ التسجيل : 30/09/2009
| موضوع: منعم عمايري أنقذ محمود درويش من ورطة الأنخاب في «غدا نلتقي» الذي شَوَّهَ الفلسطيني… فقهر السوري! الجمعة يوليو 24, 2015 11:54 pm | |
| منعم عمايري أنقذ محمود درويش من ورطة الأنخاب في «غدا نلتقي» الذي شَوَّهَ الفلسطيني… فقهر السوري! posted: 22 Jul 2015 02:08 PM PDT تكبير الصورة معاينة الأبعاد الأصلية.
أول ظلم في مسلسل «غدا نلتقي» يقع على عبد المنعم العمايري، الذي جاء اسمه في قائمة الشارة بالمرتبة الثالثة، رغم أن دوره كان البَكَرَة التي تلتف حولها كل الحبال، وأداؤه مجرما محترفا، لم يترك وراءه بصمة واحدة تدل عليه، حتى كدتُ أصدق أنه شاعر من ورق وقلم، بحق! عداك عن سمرته، التي تقدح كحبة بُن في فنجان قهوة نيء، ونظرته التي تخض دم القمر فوق ضوء الشموع، فإن عبد المنعم عمايري أجّلَ موته في الحكاية الدرامية إلى الحلقة الأخيرة، في حين سبقه موت مكسيم خليل (جابر) بأكثر من حلقتين، ولكن ذكاء المخرج والكاتب الذي اعتمد تقنية الكولاج (القص واللصق)، بانتقاله المفاجئ إلى باريس وبتر الحكاية بقفزة واحدة من عالم إلى آخر، وتطعيمها بجرعات تشويقية كان جديرا بترجيح عمايري لتصدر قائمة البطولة، وقد أسدل الستار على الزمنين: الحسي والذاكراتي بتأثيره المحوري، واحتفاظه بالساعة الرملية والرصاصة الأخيرة في العمل! البطولة للجنون والحب من أحبتْ شاعرا قتل نفسه، لأنه لم يعثر على قصيدة كانت تمشي في أثره، لن تلوم وردة (كاريس بشار) .. التي سمعته ينشد الشعر كذئب حزين، فظنته نداء إلهيا، أو دعوة حب إلى سرير قصيدة محرمة. في ليلة زفافها على (أبي رياض) قطع الشاعر حبل الأحداث، باللغة التي لها فعل الأحجبة المسحورة، أو التنويم المغناطيسي، ليختطف العروس التي هرعت نحوه، غير آبهة بمعايير الشرف والأعراف الإجتماعية والدينية، فإلى أي مدى تصدق شخصية (كاريس) العذراء الشرسة التي تستبسل بصون عفتها حتى لو اضطرت لضرب كل من يعتدي عليها بالمقلاة، وبما أوتيت من أدوات تردع الطامعين وأصحاب النفوس الهشة، في ذات الوقت الذي تترك زوجها قبل عقد القران بلحظات وعلى مرأى البشر والخلائق، وبكل الضعف الممكن، تَرِقّ لشاعر مخمور عاطل عن العمل متروك بلا زوجة، مريض، بوهيمي، بياع كلام، لتقول له: عبد المنعم العمايري أنا بحبك؟! مع الجنون لا شيء مستحيل، لأنه البطل المطلق، الذي يُفقد الموت قيمته لو بُذِلَ لغير الحب، كما جاء على لسان البطلة، فحتى الحرية لا تستحق أن تموت لأجلها، وربما كان هذا المفتاح السري للحكاية، بما أن الشاعر سيقتنع في النهاية بما قالته له غسالة الموتى، فينتحر لأنه عشق من يعشقها أخوه! قد توافق العمايري حين قال في برنامج (ريتنغ رمضان) معلقا على سؤال ميساء مغربي عن خصوصية الدراما السورية، أن البطولة فيها ليست لتلميع نجم على حساب قوة دفع خلفية، إنها بطولة نص وحكاية ورؤية إخراجية … مع العلم أن الدراما السورية تتنفس مسرحا، وشعرا، وبين اللغة الشعرية والأداء المسرحي، عروة وثقى هي الجنون الإبداعي، الذي يندر أن تجده في الدراما العربية بهذا القدر من الإحساس وفقدان الذاكرة الشخصية للذات الواقعية لتحل محلها ذاكرة فنية للذات المُتخيلة… وهو تحديدا ما يلغي مبدأ التحيز السطحي للنجم، بينما يكرس الانحياز لعدالة ترتيب اللاجئين في قائمة العمل حسب ما يقتضيه الشرط البطولي للجنون. هناك مسة «أو لطشة مخ» إبداعية، في التصور الفني للقصة الدرامية في الشام، تسرق المشاهد من عقله لتدخله معها في منطق الهلوسة، ولهذا يصدقها، ويتعاطف معها، تدريجيا يتأملها،يدافع عنها، يتبناها، لينتهي به المطاف إلى أن يُجن بها ومثلها .. إنها دراما تلعب مع وعيي بلا وعيها، فتنسيني قَسَم الزواج، لأخون العهد والمأذون والشهود على طريقة «وردة» وأمارس الحب مع القصيدة، فلا تسامحني يا الله! اللُّحمة بين الأناقة والتشوه الدراما التي ترتدي أجمل الماركات وتعنى بالأزياء والأثاث والموضة، وأناقة مظهر المشهد وليس جوهره، هي دراما فارغة، لا تملك أدوات تتجاوز عدة الورنيش والماكياج، والخدع البصرية لا أكثر، بينما الدراما المشوهة القبيحة المشؤومة، التي تعج بالقذارة و الخراب والبؤس تصدم عينك، وتزلزل كيانك، تغور عميقا إلى خلايا وجعك الخفية وماورائيات الصورة. تفرغ الحدث من مضمونه، وتمنحه مضمونا جديدا، لا يقلل من جوهر التراص الحكائي، بل يغير التشكيلات المشهدية متنقلا بين مرحلة وأخرى لينتج صيغتين متضادتين ارتكزت عليهما القصة: فالوطن والمنفى، البحر والضفاف، الضوء والعتمة، الجريمة والحنان، الشاعر والقصيدة، الحلم والكابوس، الزواج والطلاق، المرأة والجحيم، الرجل والنبيذ، الحب والموت، المعارضة والموالاة ، المجون والصلاة، وهكذا دواليك.. وهو ما يجعل الفارق بين العراب و»غدا نلتقي» ضروريا، لاكتمال المشهد السوري باقتسامه بين نصفي الصورة، والتحامه بانشطارة عنقودية. عمليات إنقاذ بين فيروز ودرويش يخرج «غدا نلتقي» عن المألوف، ففيروز مكروهة عند البطلة، لا تثير فيها أي حنين على عادة المصابين بها، لأنها تعيدها إلى أيام المدرسة والإستيقاظ الإجباري وما يصحب هذا من طقوس بغيضة أقرب إلى الفريضة الصباحية والروتين الإلزامي، وهو منطق اعتبره البعض إهانة لقدسية الصباحات الفيروزية… يترك المسلسل هذه المسألة بلا إلحاح ممل ولا تبرير هابط، ويبدل الحالة العاطفية للبطلة بإيحاءات رمزية، تتكئ على أغنية «احكيلي عن بلدي» كَرَنّة تضبط إيقاع العمل برمته على صوت فيروز دون أن تستنفذ طاقته بإقناعك بالحالتين.. هذا التغلغل بالتلقائية ما هو إلا نفس فني مدروس ومتأن يرفض المنطق الاستعراضي وتبني الشعارات المجانية أو المستهلكة… ويصل بك إلى النتيجة الحتمية دون أن يفرضها عليك أو تتوقعها منه. يقتحم الشاعر الفلسطيني محمود درويش الدرك الأسفل لهذه الدراما المشوهة بصوته الذي يرتقي مدارج الروح، وسدرة منتهاها، لينتشل الحكاية من حضيض متهالك، يضيء الشموع لشخوصها دون أن يعوض عن غياب النموذج الفلسطيني اللائق بنضال وصمود أهله وبمعاناة السوريين ولو حتى كبارقة أمل تشحذ لهمم همته ولا تكسر مجاديفهم. عمايري أنقذ محمود درويش من الغبن الذي وقع على الفلسطينيين إثر الأحادية المفرطة بالسلبية لشخصية أبي ليلى «تيسير إدريس»، فإحساس عبد المنعم بالشاعر واستغراقه بلغته إلى حد الذوبان فيك، يعني أنه قتل نفسه دون تردد، ليعيد درويش إلى الحياة من جديد… فهل أتمنى بعد هذا أن أشفى من لعنة الحياتين في عمل ملحمي يوهبك قبلة الموت بلا شفتين! أجمل الأسوأ والعكس إن كان تيم حسن أسوأ ممثل لهذا الموسم، فليس لأن دوره اقتضى تقمص شخصية رجل مهم يقال إنه كان ثقيل الظل، فلو أنه أداها بشكل يعكس علتها دون أن يكون الأداء ثقيلا لما اعترضنا! هناك فرق بين تمثيل دور بشع بجمالية مبدعة، وبين الأداء البشع لدور يغوي الفنان بجمالية تقمصه فيعجزه.. محمد حداقي برع أيما براعة في المجنون الأخرس في «غدا نلتقي» ليكرهك بالشخصية وينفرك منها، وقد استحكم عليها وأبدع في فهمها، روضها ولم يرضخ لقبحها بقدر ما كان جماليا بتقبيحها، والحال ينطبق على عبد الهادي الصباغ، فرغم تناقضات شخصية (أبو عبده)، وتطرفه، نجح بارتداء ثيابها الداخلية التي تعريها أمامه، دون أن يتخلى عن الجانب الإداري لهذا التعري، فهو من يملك أمرها، طالما أنه مطيع إليها… وللقطة واحدة أن تتوج منى واصف في هذا العمل كأبشع أم، بينما هي في دور مناقض في العراب كأجمل أم، ولن أنسى ضحى الدبس التي أعادت إلى الذهن دورا جهنميا للفنانة نيللي يؤكد لك أن العذاب امرأة. هذا كله في كوم، وشخصية (أبوليلى) في مسلسل غدا نلتقي في كوم آخر، (فتيسير إدريس) برع في شخصية الفلسطيني الذي يعيش على الأطلال، ولا يتبقى له من مجده سوى ما يمكن أن يقصه على الآخرين في أوقات فراغهم، رجل سكرجي قمرجي صاحب كيف، يصبغ شعره ليبدو أكثر شبابا، منحوس يصيب بنحسه من حوله، نصف رسائل المسلسل وردت على لسانه، وأهمها: الحرب كالقمار، لا تليق إلا بأكابر الناس، في لفتة تحتمل أكثر من وجه، ولكنني كفلسطيني من بلاد الشام لم أقتنع بهذه الشخصية، فإقبالها على الحياة لم يكن كافيا لتبرير إحباطاتها الضمنية،بعد تفريغها من مضمونها النضالي وتلاشيها في هموم ذاتية رخيصة لا تليق بالفلسطينيين الذين سجل أبطالهم في السجون الرقم القياسي الأصعب في تاريخ الصمود والفداء،ثم أنها لا تليق بالسوريين، فطرح هذا النموذج أمامهم وفي هذا الظرف بالذات ما هو إلا إحباط مشؤوم ونبوءة سوداوية لمستقبل الشعب السوري في الشتات، فلماذا يقبل تيسير إدريس دورا يهزم تاريخين، في نخب واحد، لماذا؟! كاتبة فلسطينية تقيم في لندن لينا أبو بكر | |
|