DR.Hannani Maya نــــائب المــــدير
الجنس : عدد الرسائل : 5393 العمر : 82 العمل/الترفيه : كاتب ومحلل سياسي عراقي \ الانترنيت والرياضة والاعلام المزاج : جيد تاريخ التسجيل : 30/09/2009
| موضوع: خسر العراقيون وفاز الاخرون مرة ثالثة : د . مثنى عبد الله الأربعاء مايو 07, 2014 1:21 am | |
| خسر العراقيون وفاز الاخرون مرة ثالثة : د . مثنى عبد الله
| |
خسر العراقيون وفاز الاخرون مرة ثالثة
د. مثنى عبدالله May 5, 2014
نملك شيئا من طرائق التنجيم حينما قلنا بأنهم عائدون بالكارثة البنفسجية مرة أخرى، أو كما يسمونها الثورة البنفسجية، في إشارة الى الانتخابات العراقية، بينما هلل الكثيرون ورسموا قمما عالية على الخط البياني لمسيرة العملية السياسية، موهمين أنفسهم والناس من حولهم بأن الطغاة واللصوص والطائفيين والعملاء والخونة، سيتساقطون دفعة واحدة في الثلاثين من نيسان/ أبريل الماضي، وأن أحلام العراقيين ستصبح حقائق على الارض نعيشها يوميا. لقد اتكأ القائلون بذلك على الوجوه والرموز والخطب الدينية والسياسية لا على الوقائع والاحداث، منطلقين من أن شخصية نوري المالكي هي المشكلة الاساسية في الوضع العراقي الراهن، وقد ثبت اليوم بأنهم كانوا يملكون نظرة سائح يركز نظراته على القشور والمظاهر والازياء والالوان، بينما حاولنا النظر الى ما وراء المشهد والى القوى المتحكمة فيه والمحركة له، التي أولها وأهمها المنهج الاستراتيجي والمرحلي للعملية السياسية، وثانيا محصلة القوى الفاعلة فيه ممثلة بأمريكا وايران. فنوري المالكي من وجهة نظرنا ليس سوى أداة، يختلف من حيث المواصفات الشخصية والمزاج السياسي عن اياد علاوي وأسامة النجيفي وصالح المطلك وعمار الحكيم ومقتدى الصدر، لكن أيا من هؤلاء ان احتل المنصب الاول سيسلك نفس السلوك السياسي الذي سلكه المالكي، لان الجميع محكومة ايقاعات حركاتهم وتحركاتهم بمحصلة القوى في نقطة مركز تقاطع مصالح القوى الدولية والاقليمية في العراق، وسيبقى هذا النهج مستمرا الى مديات مستقبل منظور يقع في فترة ما بين 15- 20 عاما القادمة. نعم ان الكوارث التي حصلت في العراق كان أحد أسبابها الصراع السياسي القائم بين القوى السياسية والزعامات الطائفية، لكن من قال ان هذا الصراع هو صراع الصدفة أو صراع المصالح المجردة؟ انه صراع مُمنهج حتى لو لم تكن هذه الوجوه هي المتحكمة، لان القوى الدولية والاقليمية تعتاش على التناقض والصراعات، التي هي السبيل الوحيد الذي يدفع المتصارعين للجوء اليهم. أنظروا الى هذه القوى، خاصة الولايات المتحدة الامريكية وايران، ستجدونها بين الشيعي والسني، بين الكردي والعربي، بين المسلم والمسيحي، بين بارزاني والمالكي، بين النجيفي والمالكي، بين الصدريين والدعويين، وهذه كلها عوامل قادرة على خلق اللااستقرار الذي يساعد أمريكا وايران على ايجاد حالة استمرار إدارة مصالحهما، والمعادلة السياسية التي سمعناها من الامريكان في كل الصراعات التي جرت، هي أنه ما على الفرقاء العراقيين الا التأقلم، لكن أنظروا الى محاولات التأقلم التي قادتها الولايات المتحدة والايرانيون، ستجدون أنها تأتي بأثمان عالية في الارواح والاموال يدفعها العراقيون يوميا. لا يهم ذلك مادام هذا الوضع يوفر الاستقرار لمصالحهما في البلد. الايرانيون يسعون الى أن يكون في العراق شبه دولة شرط أن لا تكون قوية، ولا ضعـــيفة الى درجة لا تعطي شرعية سيادية لمن يحكم فيها، على أن يكون الحليف الاساسي لايران هو المسيطر فيها، وقادرا على التأثير في السياسة الاقليمية لحسابها من خلال تصدير الميليشيات مثلا. الامريكان باتوا عازمين على عدم التدخل في أي مكان في العالم الا في المواقف التي يؤثر فيها الحدث على أمنهم القومي في الصميم. إذن لتذهب دماء وأرواح العراقيين الى الجحيم وفق منظورهم. لكن السؤال الاهم والابرز الذي بات مطروحا اليوم بعد الانتخابات الاخيرة، هو لماذا يقبل العراقيون أن يصبحوا كُرة في ملعب هذا او ذاك؟ وهل يعقل أن ينتخبوا القتلة واللصوص والخونة والعملاء مرة ثالثة؟ أين التاريخ والحضارة والامجاد والغيرة العراقية التي نتغنى بها يوميا، ما فائدتها ان لم تعصمنا من التعثر بالحجر نفسه؟ ماذا يمكن أن نُسمي الذي جرى في الثلاثين من الشهر الماضي عندما أعدنا انتخاب القاتل والافسد والخائن والعميل؟ هل هي عملية انتحار جماعي بأن أطلقنا نفس الوحوش التي شربت من دمائنا وأزهقت أرواح أبنائنا، كي تعود الى ممارسة نفس الدور؟ لا تنصتوا الى كل تلك الطواحين التي تعتاش على الترويج للخطأ على أنه صواب، والى تزويق الخطيئة على أنها كبوة، وعلى تسمية الهزيمة على أنها نكسة، وعلى وصف الهروب على أنه انتصار، فالشعوب التي تريد الحياة يجب عليها أن تنصت الى الحقيقة المرة كي تتعلم منها. نحن ـ العراقيين ـ لا غيرنا خرجنا يوما في تظاهرات شاهدها العالم كله، وكان شعارنا (سنقطع الاصبع الذي لوثناه بالحبر البنفسجي) لاننا انتخبنا الافسد يومها، فعلامنا نكرر اليوم الخطيئة نفسها؟ واذا كان هذا هو حال عامتنا فعلام المثقفون فينا وضعوا لانفسهم شعار (ولما رأيت الجهل في الناس فاشيا، تجاهلت حتى ظن أني جاهلُ)؟ نعم هنالك أقلية منظمة تنظيما جيدا تحاول فرض ارادتها على المجتمع كله بالعنف، كما هو حاصل في مناطق كثيرة من العراق، أو بالرشوة كما رأينا ذلك في توزيع سندات الاراضي على الفلاحين، أو بالفتاوى الدينية التي تدفع الناس الى الانتخابات لكنها لا تدعوهم الى هدم أوكار الظلم بالاعتصام، أو بمسيرات مليونية كالتي تسير الى النجف وكربلاء. أليس ما يجري للعراقيين في كل يوم، كربلاء؟ لكن في خضم كل هذه الوسائل اللاشرعية، يجب ألا يتخلى المجتمع عن أرادته الجمعية، لانها الاداة الوحيدة التي يستطيع بها التصادم مع الارادات اللا شرعية. هل هي حالة يأس قاتل أصابت المجتمع بكل فئاته حتى غيبت العقول والقلوب، وبات العراقيون مسلوبي الارادة الى الحد الذي لا يميزون الطالح من الصالح؟ قد يكون هنالك أكثر من سبب لهذه الحالة، لكن الشيء الاكيد أنها حالة مرضية، يجب أن تتحرك قوى المجتمع المعنوية كي تتصدى لها وتعالج أسبابها ومسبباتها، لاننا قد نكون مقبلين على فصل ذبح جديد نقدم فيه القرابين من دمائنا وأرواحنا كي تستمر العملية السياسية، ويستمر السراق والقتلة والفاسدون في نهجهم الذي عرفناه. ‘ باحث سياسي عراقي | |
|